فصل: سنة ثلاث وخمسين وأربعمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وأربعين وأربعمئة:

فيها كانت الحرب الهائلة بالمغرب، بين ابن باديس، والعرب الذين دخلوا القيروان، من جهة صاحب مصر وجاهر العرب القيروان واليهم المؤامرات وعم البلاء بالعرب وانتقل المتعز إلى الهندية.
وفيها ملك طغرلبك إقليم أذربيجان صلحاً، ثم سار بجيوشه، فغزا الروم وسبى وغنم.
وفيه توفي أبو علي الأهوازي، الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ المحدِّث، مقرئ أهل الشام، وصاحب التصانيف، ولد سنة اثنتين وستين وثلالاثمئة، وعني بالقراءات، ولقي الكبار، كأبي الفرج الشنَّبوذي، وعليّ بن الحسين الغضائري. وقرأ بالأهواز لقالون، في سنة ثمان وسبعين وثلاثمئة، وروى الحديث عن نصر المرجي، والمعافى الجريري وطبقتهما، وهو ضعيف، اتهم في لقاء بعض الشيوخ، توفي في ذي الحجة.
وأبو يعلى الخليلي، الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الحافظ، أحد أئمة الحديث. روى عن عليّ بن أحمد بن صالح القزويني، وأبي حفص الكتّاني وطبقتهما، وكان أحد من رحل وتعب وبرع في الحديث.
وأبو محمد بن اللّبان التيمي، عبد الله بن محمد الأصبهاني. قال الخطيب: كان أحد أوعية العلم، سمع أبا بكر بن المقرئ، وأبا طاهر المخلّص وطبقتهما، وكان ثقة، صحب ابن الباقلاني، ودرس عليه الأصول، وتفقّه علي أبي حامد الإسفراييني، وقرأ القراءات، وله مصنفات كثيرة، سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين، مات بأصبهان، في جمادى الآخرة.
ومحمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، أبو الحسين التميمي المعدَّل الرئيس، مسند دمشق وابن مسندها، سمع أبا بكر الميانجي، وأبا سليمان بن زبر، توفي في رجب.

.سنة سبع وأربع ين وأربعمئة:

فيها تملّك طغرلبك العراق، باستدعاء الخليفة ومكاتبته، لأن أرسلان البساسيري، كان قد عظم ببغداد، ولم يبق للملك الرحيم، ولا للخليفة معه، إلا الاسم. ثم بلغ الخليفة أنه عازم على نهب دار الخلافة، فاستنجد عليه بطغرلبك، وكان البساسيري غائباً بواسط، فنهبت داره ببغداد، برأي رئيس الرؤساء، فأقبل طغرلبك على الملك الرحيم، وفرغت دولة بني بويه، وعاثت العز بسواد العراق، وعفّروا الناس ونهبوهم، حتى أبيع الثور بعشرة دراهم.
وفيها توفي أبو عبد الله القادسي، الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب البغدادي البزاز، روى عن أبي بكر القطيعي وغيره، ضعَّفه الخطيب، وفيه أيضاً رفضٌ توفي في ذي القعدة.
وابن ماكولا، قاضي القضاة، أ بو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي الجرباذقاني الشافعي، توفي في شوال، وله ثمانون سنة. قال الخطيب: لم ير قاضٍ أعظم نزاهة منه.
وحكم بن محمد بن حكم، أبو العاص الجذامي القرطبي، مسند الأندلس، حجّ فسمع من أبي محمد بن أبي زيد، وإبراهيم بن علي التمّار، وأبي بكر المهندس، وقرأ على عبد المنعم بن غلبون، وكان صالحاً ثقة ورعاً صليباً في السنّة، مقلاّ زاهداً، توفي في ربيع الآخر، عن بضع وتسعين سنة.
وسليم بن أيوب، أبو الفتح الرازي الشافعي المفسر، صاحب التصانيف والتفسير، وتلميذ أبي حامد الإسفراييني. روى عن أحمد بن محمد البصير، وطائفة كثيرة، وكان رأساً في العلم والعمل، غرق في بحر القلزم، في صفر، بعد قضاء حجّة.
وعبد الوهاب بن الحسين بن برهان، أبو الفرج البغدادي الغزّال، روى عن أبي عبد الله العسكري، وإسحاق بن سعد وخلق، وسكن صور، وبها مات في شوال، عن خمسٍ وثمانين سنة.
وأبو أحمد الغندجاني، عبد الوهاب بن محمد بن موسى. روى تاريخ البخاري، عن أحمد بن عبدان الشيرازي.
وأبو القاسم التنوخي، علي بن أبي علي المحسِّن بن علي البغدادي. روى عن علي بنن محمد بن كيسان، والحسين بن محمد العسكري، وخلق كثير، وأول سماعه في سنة سبعين. قال الخطيب: صدوق متحفظ في الشهادة، ولي قضاء المدائن ونحوها. وقال ابن خيرون: قيل كان رأيه الترفض والاعزال، مات في ثاني المحرم.
وذخيرة الدين ولي العهد، محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد، توفي في ذي القعدة، وله ست عشرة سنة، وكان قد ختم القرآن، وحفظ الفقه والنحو والفرائض، وخلف سريَّة حاملاً، فولدت ولداً سماه جدّه عبد الله، فهو المقتدي الذي ولي الخلافة بعد جدّه.
ومحمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني، ما عنده سوى نسخة أبي مسهر وما معها، توفي في ذي الحجة، وهو ثقة.

.سنة ثمان وأربعين وأربعمئة:

فيها تزوج القائم بأمر الله، بأخت طغرلبك، وتمكّن القائم، وعظمت الخلافة بسلطنة طغرلبك.
وفيها كان القحط الشديد بديار مصر والوباء المفرط، وكانت العراق تموج بالفتن والخوف والنهب، من عسكر طغرلبك، ومن الأعراب، ومن البساسيري، وخطب بالكوفة وواسط والموصل للمستنصر المصري، وفرحت الرافضة بذلك، واستفحل أمر البساسيري، وجاءته الخلع والتقليد من مصر، له ولقريش صاحب الموصل، ولدبيس صاحب الفرات، وأقاموا شعار الرفض.
وفيها توفي عبد الله بن الوليد بن سعيد، أبو محمد الأنصاري الأندلسي الفقيه المالكي، حمل عن أبي محمد بن أبي زيد، وخلق، وعاش ثمانياً وثمانين سنة، وسكن مصر، وتوفي بالشام، في رمضان.
وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي ثم النيسابوري راوي صحيح مسلم عن أبي عمرويه وغريب الخطابي عن المؤلف، كمَّل خمساً وتسعين سنة، ومات في خامس شوال، وكان عدلاً جليل القدر.
وأبو الحسن الفالي، علي بن أحمد بن علي المؤدِّب، ثقة. روى عن أحمد ابن خربان، وأبي عمر الهاشمي.
وأبو الحسن الباقلاني، علي بن إبراهيم بن عيسى البغدادي. روى عن القطيعي وغيره. قال الخطيب: لا بأس به.
وابن مسرور أبو حفص، عمر بن أحمد بن عمر النيسابوري الزاهد روى عن ابن نجيد وبشر بن أحمد الإسفراييني، وأبي سهل الصعلوكي وطائفة.
قال عبد الغافر: هو أبو حفص الفامي الماوردي الزاهد الفقيه، كان كثير العبادة والمجاهدة، كانوا يتبركون بدعائه، وعاش تسعين سنة، ومات في ذي القعدة.
وابن الطفّال، أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري، ثم المصري المقرء البزاز التاجر، ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمئة. وروى عن ابن حيويه، وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق.
وابن حيويه، وأبي الطاهر الذهلي وابن رشيق.
وابن الترجمان، محمد بن الحسين بن علي الغزّي، شيخ الصوفية بديار مصر. روى عن محمد بن أحمد الجندري، وعبد الواهب الكلابي وطائفة، ومات في جمادى الأول بمصر، وله خمس وتسعون سنة، وكان صدوقاً.
وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي، رواي السنن عن الدارقطني، وروى أيضاً عن أبي عمر بن حيَّويه وطائفة، توفي في جمادى الأولى، وكان ثقة حسن الأصول.

.سنة تسع وأربعين وأربعمئة:

فيها خلع القائم بأمر الله، على السلطان طغرلبك السلجوقي، سبع خلع، وطوّقه وسوّره وتوجه، وكتب له تقليداً بها وراء بابه وشافهه بملك المشرق والمغرب، فقدّم للقائم تحفاً، منها خمسون مملوكاً بخيلهم وسرحهم، وخمسون ألف دينار.
وفيها عجز ثمال بن صالح بن مرداس عن حلب للقحط، وسلمها بالأمان للمصريين.
وفيها كان الوباء المفرط بما وراء النهر، حتى قيل إنه مات فيه ألف ألف إنسان وستمائة ألف.
وفيها توفي أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري اللغوي الشاعر، صاحب التصانيف المشهورة، والزندقة المأثورة، والذكاء المفرط،
والزهد الفلسفي، وله ست وثمانون سنة. جدَّر وهو ابن ثلاث سنين، فذهب بصره، ولعله مات على الإسلام، وتاب من كفرياته، وزال عنه الشك.
وأبو مسعود البجلي، أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرازي الحافظ، وله سبع وثمانون سنة، توفي في المحرم ببخارى، وكان كثير الترحال، طوّف وجمع وصنَّف الأبواب، وروى عن أبي عمرو بن حمدان وحسينك التميمي وطبقتهما، وهو ثقة.
وأبو عثمان الصابوني، شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الواعظ المفسّر المصنف، أحد الأعلام. روى عن زاهر السرخسي وطبقته، وتوفي في صفر، وله سبع وسبعون سنة، وأول ما جلس للوعظ، وهو ابن عشر سنين، وكان شيخ خراسان في زمانه.
وابن بطّال، مؤلف شرح البخاري أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطّال القرطبي. روى عن أبي المطرف القنازعي، ويونس بن عبد الله القاضي، توفي في صفر.
وأبو عبد الله الخبّازي، محمد بن علي بن محمد النيسابوري المقرئ، عن سبع وسبعين سنة. روى عن أبيه القراءات، وتصدّر وصنّف فيها، وحدَّث عن أبي محمد المخلدي وطبقته، وكان كبير الشأن وافر الحرمة، مجاب الدعوة، آخر من روى عنه الفراوي.
وأبو الفتح الكراجكي. والكراجكي الخيمي، رأس الشيّعة،
وصاحب التصانيف، محمد بن علي، مات بصور، في ربيع الآخر، وكان نحوياً لغوياً منجماً طبيباً متكلماً متفنِّناً، من كبار أصحاب الشريف المرتضى، وهو مؤلف كتاب تلقين أولاد المؤمنين.

.سنة خمسين وأربعمئة:

فيها سار طغرلبك ليأخذ الجزيرة، فنازل الموصل، وعمد ارسلان البساسيري، فكانت إبراهيم ينال يعده ويمنَّيه ويطعمه في الملك، فأصغى إليه وخالف على أخيه طغرلبك، وساق بفرقة من الجيش، وقصد الريّ، فانزعج طغرلبك، وساق وراءه ببعض الجيش، وترك بعض الجيش مع زوجته، ووزيره عميد الملك الكندري، وقامت الفتنة على ساقٍ، وتمّ للبساسيري ما دبَّر من المكر، وقدم بغداد، فدخلها في ذي القعدة بالرايات المستنصرية، واستبشرت الرافضة، وشمخوا وأذَّنوا بحيّ على خير العمل، وقاتلت السنّة دون القائم بأمر الله، ودامت الحرب في السفن أربعة أيام، وأقيمت الخطبة لصاحب مصر، ثم ضعف القائم، وخندق على داره، ثم تفرَّق جمعه، واستجار بقريش أمير العرب، فأجاره وأخرجه إلى مخيَّمه، وقبض البساسيري على الوزير رئيس الرؤساء، علي بن المسلمة، وشهره بطرطور على جمل، ثم صلبه، ونهبت دور الخلافة، وزالت الدولة العباسية، وحبس القائم بحديثه عانة، عند مهارش، وجمع البساسيري الأعيان كلهم، وبايعوه للمستنصر العبيدي قهراً، ثم أحسن إلى الناس ولم يتعصب لمذهب، وأفرد لوالدة الخليفة داراً وراتباً، وقيل إنّ المستنصر أمدَّ البساسيري بأموال عظيمة، فوق الألف ألف دينار.
وفيها توفي الونّي صاحب الفرائض، استشهد في فتنة البساسيري، وهو أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الواحد البغدادي.
وأبو الطّيب الطبري، طاهر بن عبد الله بن طاهر القاضي الشافعي، أحد الأعلام. روى عن أبي أحمد الغطريفي وجماعة، وتفقه بنيسابور على أبي الحسن الماسرجسي، وسكن بغداد، وعمرّ مئة وسنتين: قال الخطيب: كان عارفاً بالأصول والفروع، محققاً صحيح المذهب.
قلت: سقنا أخباره في التاريخ الكبير، ومات في ربيع الأول، ولم يتغّير له ذهن.
وأبو الفتح بن شيطا، مقرئ العراق ومصنف التذكار في القراءات العشر، عبد الواحد بن الحسين بن أحمد، أخذ عن الحمامي وطائفة، وحدّث عن محمد بن إسماعيل الوّراق وجماعة، توفي في صفر، وله ثمانون سنة.
وعلي بن بقا، أبو الحسن المصري الوراق الناسخ محدّث ديار مصر.
روى عن القاضي أبي الحسن الحلبي، وطائفة، وكتب الكثير.
والماوردي أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي، مصنف الحاوي والاقناع وأدب الدنيا والدين وغير ذلك، وكان إماماً في الفقه والأصول والتفسير، بصيراً بالعربية، ولي قضاء بلاد كثيرة، ثم سكن بغداد، وعاش ستاً وثمانين سنة. تفقّه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة، وعلى أبي حامد ببغداد، وحدّث عن الحسن الجيلي، صاحب أبي خليفة الجمحي وجماعة، وآخر من روى عنه أبو العزّ بن كادش.
وأبو القاسم الخفّاف عمر بن الحسين البغدادي، صاحب المشيخة، روى عن ابن المظفر وطبقته.
وأبو منصور السمعاني، محمد بن عبد الجبار، القاضي المروزي الحنفي، والد العلامة، أبي المظفر السمعاني، مات بمرو، في شوال، وكان إماماً ورعاً نحوياً لغوياً علامة، له مصنفات.
ومنصور بن الحسين التّاني، أبو الفتح الأصبهاني المحدّث، صاحب ابن المقرئ، كان من أروى الناس عنه، توفي في ذي الحجة، وكان ثقة.
والملك الرحيم، أبو نصر بن الملك أبي كاليجار بن الملك سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن كن الدولة الحسن بن بويه الديلمي، آخر ملوك الديلم، مات محبوساً بقلعة الريّ، في اعتقال طغرلبك.

.سنة إحدى وخمسين وأربعمئة:

فيها رجع السلطان طغرلبك إلى بغداد، فهرب آل البساسيري وحشمه، وأهل الكرخ بأهاليهم، على كل صعب وذلول، فنهبتهم العربان، وكانت أيام البساسيري سنة كاملة، وعاد القائم بأمر الله إلى مقرّ عزّه، وسار عسكره، فالتقاهم البساسيري في ذي الحجة، فقتل وطيف برأسه ببغداد.
وفيها انعقد الصلح بين صاحب غزنة، إبراهيم بن مسعود السبكتكيني، وبين جغريبك، أخي طغرلبك السلجوقي، بعد حروب طويلة، أضرست الفريقين، وفرح المسلمون بالاتفاق، فلم ينشب جغريبك أن توفي.
وفيها توفي ابن سميق، أبو عمر أحمد بن يحيى بن أحمد بن سميق القرطبي، نزيل طليطلة، ومحدّث وقته. روى عن أبي المطرّف بن فطيس، وابن أبي زمنين وطبقتهما. وكان قويّ المشاركة في عدّة علوم، حتى في الطب، مع العبادة والجلالة، وعاش ثمانين سنة.
والأمير المظفّر أبو الحارث أرسلان التركي البساسيري قال: وهي نسبة إلى مدينة فسا- ويقال بسا- وأهل فارس ينسبون إليها هكذا، وهي نسبة شاذة على غير الأصل، والأصل فسويّ.
وأبو عثمان النجيرمي، سعيد بن محمد بن أحمد بن محمد النيسابوري، محدّث خراسان ومسندها. روى عن جدّه أبي الحسين، وأبي عمرو بن حمدان وطبقتهما، ورحل إلى مرو، وإسفرايين وبغداد وجرجان، توفي في ربيع الآخر.
وأبو المظفر عبد الله بن شبيب الضبيّ، مقرئ أصبهان وخطيبها وواعظها وشيخها وزاهدها، أخذ القراءات عن أبي الفضل الخزاعي، وسمع من أبي عبد الله بن مندة وغيره، توفي في صفر.
وأبو الحسن الزوزني، علي بن محمود بن ماخرة، شيخ الصوفية، ببغداد، في رمضان، عن خمس وثمانين سنة، وكان كثير الأسفار، سمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابي وجماعة.
والعشاري، أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي الصالح، روى عن الدارقطني وطبقته، وعاش خمساً وثمانين سنة، وكان جدّه طويلاً، فلّقبوه العشاري، وكان أبو طالب فقيهاً، تخرّج على أبي حامد، وقبله على ابن بطة، وكان خيّراً عالماً زاهداً.

.سنة اثنين وخمسين وأربعمئة:

فيها حاصر محمود الكلابي حلب، فأخذها ثم ثم واقع المصريين بظاهر حلب. وتعرف بوقعة الفنيدق، فهزمهم واستولى على حلب، بعد أن نهبها المصريون.
وفيها حاصر عطية الكلابي الرحبة، وضيَّق عليهم فأخذها.
وفيها توفي الماهر، أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن فضال الحلبي الموازيني، الشاعر المفلق بالشام.
وعلي بن حميد، أبو الحسن الذهلي، إمام جامع همذان، وركن السنَّة والحديث بها. روى عن أبي بكر بن لال وطبقته، وقبره يزار ويتبرك به.
والقزوين، محمد بن أحمد بن علي المقرئ، شيخ الإقراء بمصر، أخذ عن طاهر بن غلبون، وسمع من أبي الطّيب والد طاهر، وعبد الوهاب الكلابي، وطائفة توفي في ربيع الآخر.
وابن عمروس، أبو الفضل محمد بن عبد الله البغدادي، الفقيه المالكي.
قال الخطيب: انتهت إليه الفتوى ببغداد، وكان من القرّاء المجوّدين، حدَّث عن ابن شاهين، وجماعة، وعاش ثمانين سنة.

.سنة ثلاث وخمسين وأربعمئة:

فيها توفي أبو العباس بن نفيس، شيخ القراء، أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري، في رجب، وقد نيّف على التسعين، وهو أكبر شيخ لابن الفحام، قرأ على السَّامري، وأبي عديّ عبد العزيز، وسمع من أبي القاسم الجوهري وطائفة، وانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات، وقصد من الآفاق.
وصاحب ميَّافارقين وديار بكر، نصر الدولة أحمد بن مروان بن دوستك الكردي، وكان عاقلاً حازماً عادلاً، لم تفته الصبح، مع انهماكه على اللذات، وكان له ثلاثمئة وستون سرّية، يخلو كل ليلة بواحدة، وكانت دولته إحدى وخمسين سنة، وعاش سبعاً وسبعين سنة، وقام بعده ولده نصر.
وأبو مسلم عبد الرحمن بن غزو النهاوندي العطّار، حدث عن أحمد بن فراس العبقسي، وخلق. وكان ثقة صدوقاً.
وأبو أحمد المعلّم عبد الواحد بن أحمد الأصبهاني، راوي مسند أحمد بن منيع، عن عبد الله بن جميل، وروى عن جماعة، وتوفي في صفر.
وعلي بن رضوان، أبو الحسن المصري الفيلسوف، صاحب التصانيف، وكان رأساً في الطب وفي التنجيم، من أذكياء زمانه بديار مصر.
وأبو القاسم السميساطي واقف الخانكاه، عليّ بن محمد بن يحيى السمي الدمشقي، روى عن عبد الوهاب الكلابي وغيره، وكان بارعاً في الهندسة والهيئة، صاحب حشمة وثروة واسعة، عاش ثمانين سنة.
وقريش بن بدران بن مقلَّد بن المسيب العقيلي، أبو المعالي، ولي الموصل عشراً، وذبح عمّه قرواش بن مقلّد صبراً، مات بالطاعون، عن إحدى وخمسين سنة، وقام بعده ابنه شرف الدولة مسلم، الذي استولى على ديار ربيعة ومضر وحلب، وحاصر دمشق، وكاد أن يملكها، وأخذ الحمل من بلاد الروم.
وأبو سعد الكنجروذي، محمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري، الفقيه النحوي الطبيب الفارس، قال عبد الغافر: له قدمٌ: في الطب والفروسية وأدب السلاح، كان بارع وقته، لاستجماعه فنون العلم، حدّث عن أبي عمرو بن حمدان وطبقته، وكان مسند خراسان في عصره، توفي في صفر.

.سنة أربع وخمسين وأربعمئة:

فيها بلغت دجلة إحدى وعشرين ذراعاً، وغرقت بغداد.
وفيها التقى صاحب حلب معز الدولة، ثمال بن صالح الكلابي وملك الروم، على أرتاح، من أعمال حلب، وانتصر المسلمون، وغنموا وسبوا، حتى أبيعت السرِّيَّة الحسناء بمائة درهم، وبعدها بيسير، توفي ثمال بحلب.
وفيها توفي أبو سعد بن أبي شمس النيسابوري، أحمد بن إبراهيم بن موسى، المقرئ المجوّد، الرئيس الكامل. توفي في شعبان وهو في عشر التسعين.
روى عن أبي محمد المخلدي وجماعة. وروى الغاية في القراءات عن ابن مهران المصنف.
وأبو محمد الجوهري، الحسن بن علي الشيرازي ثم البغدادي المقنَّعي، لأنه كان يتطليس ويلفها من تحت حنكه، انتهى إليه علوّ الرواية في الدنيا،
وأملى مجالس كثيرة، وكان صاحب حديث، روى عن أبي بكر القطيعي، وأبي عبد الله العسكري، وعلي بن لؤلؤ وطبقتهم، وعاش نيِّفاً وتسعين سنة، توفي في سابع ذي القعدة.
وأبو نصر زهير بن الحسين السرخسي الفقيه الشافعي، مفتي خراسان، أخذ ببغداد عن أبي حامد الإسفراييني، ولزمه وعلّق عنه تعليقه مليحة. وروى عن زاهر السرخسي، والمخلّص وجماعة. توفي بسرخس، وقيل توفي في سنة خمس وخمسين، فالله أعلم.
وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار العجلي، أبو الفضل الرازي، الإمام المقرئ الزاهد، أحد العلماء العاملين. قال أبو سعد السمعاني: كان مقرئاً، كثير التصانيف، زاهداً خشن العيش، قانعاً منفرداً عن الناس، يسافر وحده، ويدخل البراري، سمع بمكة من ابن فراس، وبالريّ من جعفر بن فناكي، وبنيسابور من السلمي، وبنسا من محمد بن زهير النسويّ، وبجرجان من أبي نصر الإسماعيلي، وبأصبهان من ابن مندة الحافظ، وببغداد والبصرة والكوفة وحرّان وفارس ودمشق ومصر، وكان من أفراد الدهر.
وأبو حفص الزهراويّ، عمر بن عبيد الله الذهلي القرطبي، محدّث الأندلس مع ابن عبد البرّ، توفي في صفر، عن ثلاث وتسعين سنة، روى عن عبد الوارث بن سفيان، وأبي محمد بن أسد والكبار. ولحقته في آخر عمره فاقة، فكان يستعصى، وتغيّر ذهنه.
والقضاعي، القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر المصري، الفقيه الشافعي، قضي الديار المصرية، ومصنّف كتاب الشهاب روى عن أبي مسلم الكاتب فمن بعده. وقال ابن ماكولا: كان متفنّناً في عدّة علوم، لم أر بمصر من يجري مجراه. قال الحبّال: توفي في ذي الحجة.
والمعزّ بن باديس بن منصور بن بلَّكين الحميري الصنهاجي، صاحب المغرب، وكان الحاكم العبيدي قد لقّبه شرف الدولة، وأرسل له الخلعة والتقليد، في سنة سبع وأربعمئة، وله تسعة أعوام، وكان ملكاً جليلاً عالي الهمَّة، محبّاً للعلماء، جواداً ممدّحاً، أصيلاً في الإمرة، حسن الديانة، حمل أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك، وخلع طاعة العبيديين في أثناء أيامه، وخطب لخليفة العراق، فجهز المستنصر لحربه جيشاً، وطال حربهم له، وخرّبوا حصون برقة وأفريقية، توفي في شعبان بالبرص، وله ست وخمسون سنة.